هل شعرت يوماً أن شيئاً ما سيحدث وحدث بالفعل؟ هل أخذت قراراً ثم لغيته لعدم شعورك بالراحة اتجاهه رغم أنه يبدوأنه القرار الصحيح ثم اكتشفت أن له عواقب وخيمة عليك؟ اذا كنت مررت بهذا من قبل او بشئ مثله فانت قد اختبرت الحدس.
ولكن في الحياة اليومية نمر بأشياء كثيرة مثلاً أحياناً حدسي يقول لي بأن القاهرة تقع شرق ليبيا وأن جدة تقع في شرق الرياض ويكون حدسي على خطأ فهل هذا كان حدس من البداية أم يمكن اعتباره تخمين خاطئ؟ كما يقول الفيزيائي ريتشارد فاينمان” لا يجب أن تخدع نفسك، فأنت أسهل شخص للخداع”.
ينبغي في البداية أن تعرف أن لديك قوى عقلية غير مستغله، فالعقل البشري يحوي في جعبته الكثير والكثير مما لا يمكن إدراكه. فعندما تقرر استغلال هذه القوي هل ستخضع لهواجس الجانب الأيمن من الدماغ وتترك نفسك لها وتخدع نفسك؟ أم ستندمج مع الجانب الأيسر العقلاني؟
المحتويات
تحليل نفسي لقوى الحدس ومخاطرها.
تخيل أهمية الحدس كأهمية القاضي في المحكمة عندما يحدد مصائر الناس او كمستثمر يؤثر على الثروات او كطبيب يحدد حالة مريض عنده. فالحدس يحدد أحياناً الأمور التي نقلق منها والانطباعات التي نأخذها عن الناس وعلاقتنا مع بعض الناس أيضاً. إنه يؤثر علي أحكامنا الرئيسية فمثلاُ رهانك علي عقار تشتريه لتزيد قيمته، قرارات التوظيف التي تأخذها في عملك وأحيانا كثيرة يكون الحدس هو ما يبعدنا عن أشياء تكون فيها مخاطر جمة علينا. تقول الأميرة ديانا في آخر مقابلة لها قبل وفاتها في حادث مميت ” أنا أعمل من خلال غريزتي، وغريزتي هي أفضل مستشار لي”. وليست هي وحدها فالأمراء والرؤساء هم بشر أيضاً ويعتمدون على حدسهم بشكل كبير.
قال الأمير تشارلز ذات مرة:
دفن في اعماق كل منا وعي عميق وغريزه تكون اذا اطلقنا لها العنان هي المرشد الموثوق منه الذي يدعم مصالح كوكبنا وكل أشكال الحياه عليه علي المدي الطويل
اليوم ومع تقدم العلوم المعرفية تم كشف الكثير من الأمور المبهره للعقل اللاواعي فرويد نفسه لم يصل إليها. فالتفكير لا يحدث على خشبة المسرح ولكن في الكواليس بعيداً عن الأنظار. فتقوم دراسات معالجة للذاكرة والاستدلال للدماغ ودراسات الاتصال الغير لفظي والتفكير والذاكرة ليكشف كل هذا النقاب عن قدرات بديهية لدينا تعمل على مستويين الواعي وهو المتعمد واللاواعي وهو التلقائي. فيلخص الباحثين هذا في جملة ” نحن نعرف اكثر مما نعرف أننا نعرفه”.
تعمل هذه الفكرة علي أن الكثير من تفكيرنا اليومي وشعورنا وتصرفنا الواعي واللاواعي يعتمد بشكل كبير على الحدس دون أن ندري. فتقول تانيا شارتراند وهي باحثة من جامعة ولاية اوهايو بأن النوايا الخاصة والحدس مسيطرة بشكل كبير علي حياتنا ومتحكمة فيها ولكن الوعي يفوق هذه السيطرة.
خذ شيئاً بسيطاً يحدث دائماً كمثال سلاسل الكلمات التي تتدفق من فمك عندما تتحدث فالأمر قد نصوره بخدم في عقولنا يرتبون الحروف والكلمات والجمل ف عقولنا لتنزلق علي ألسنتنا لنتحدث بطلاقة.
حتي عندما أكتب هذا المقال فأصابعي تتحرك على لوحة المفاتيح بناء علي تعليمات من عقلي وحتى ل ودلف شخص إلى الغرفه وتحدث إلي وأنا اكتب فإن عقلي اللاواعي هو من سيدفع أصابعي لإنهاء الجمله. فنحن لدينا جزءان في عقولنا واحد للوعي والآخر لأي شئ آخر.
الحدس بين الرجال والنساء.
عندما غادرت جاكي لارسن الكنيسة في ولاية مينيسوتا في ابريل عام 2001 وجدت شاباً عاني من حادث سيارة مجروح جروح خفيفة ويبدومهذباً، سألته عن اسمه فأجاب بأن اسمه كريستوفر بونو. فاقترحت لارسن أن تستخدم الهاتف في متجرها لتطلب المساعدة. ولكن بينما هي تطلب المساعده شعرت بألم في معدتها مع شعور ممض بوجود شئ ما خطأ، فأصرت علي أن تتحدث معه خارج المتجر وقالت له” مظهرك يدل علي ان لديك ام جميلة” فأجاب بونووهو مسمر مكانه بأنه لا يعرف مكان أمه.
أنهت لارسن الحديث وذهبت ببونو إلي الكنيسة لتتصل بالشرطه ليقوموا بتعقب رخصة قيادته. لتكتشف الشرطه لاحقاً أن السيارة ملك والدته بونولوسيا وأن والدته ميته في حوض استحمامها. وجهت لبونو ذو الستة عشر عاماً تهمة القتل من الدرجة الأولي.
هل كان من قبيل المصادفة أن تشك جاكي لارسن في بونو وتسحبه في هدوء لخارج المتجر وتطلب الشرطه؟ يعتقد الكثيرون أن المرأه تتفوق علي الرجل في الحدس. قامت دراسة علي هذا الأمر كان مفادها أن المرأه أكثر عاطفية من الرجل وهذه الفجوه العاطفية بين الرجال والنساء تمتد إلي السلوك فمثلاً المرأه اكثر عرضة للبكاء من الرجل وهذا السلوك العاطفي يجعل حدس المرأه أقوي وشعورها بمن حولها أقوي من الرجل بكثير.
ويوجد تفسيرات أخري لهذه الحادثه وهي قدرة هذه المرأه الخارقة علي قراءة مشاعر الآخرين. ففي دراسة لأستاذ علم النفس جوديث هال بجامعة نورث ايسترن، يقول فيها ان المرأه تتفوق عادة علي الرجل في فك رموز الرسائل العاطفية. ففي أثناء عرض فيلم صامت لمدة ثانيتين لأمرأه تبدومحبطه. خمنت النساء في الدراسة بأن المرأه تعاني من طلاق مؤخراً وقد كان هذا صحيحاً فعلاً. تتمكن النساء أيضاً من استشفاف الكذب في الكلام بدرجه كبيرة جداً.
مخاطر قوة الحدس
هذا صحيح، الحدس يملك جزء كبير جدا من عملية صنع القرار البشري، ولكن لأن الحدس عملية تكميلية تعتمد علي شئ لا أساس له فقد تخطئ في أحيان كثيرة.
ففي يوليوعام 2002 وجه حاسوب خطوط طيران روسية الأوامر إلي أحد طياريها بأن يصعد بالطائره لوجود طائره أخري دخلت المجال الجوي في سويسرا. في نفس الوقت كانت وحدة التحكم بالطائرات في سويسرا كانت تعاني من خطب ما فخمن المسئول وأمر طياره بالنزول بالطائره وكان رد فعل الطيار بديهيا فقد وثق بحدس المسئول عنه وللأسف لم يكن الحدس صحيحاً فتصادمت الطائرتين مخلفين عن مقتل كل شخص في الطائرتين.
وهكذا كما نري لا تدع حدسك يخدعك فالأمر ما دام في دهاليز العقل البشري فلا يمكن أن نفهمه تماماً.