وبعد ان تحدثنا عن خارطة التحويل ومن قبلها الخارطة الشخصية. تعالوا الان لنتحدث عن نوع ثالث من الخرائط التنجيمية وهي لا تقل اهمية عن الباقيين ولكنها غير شائعة ونادرة الاستخدام وكان ابرع من تعاملوا معها هما اليونانيين والعرب منذ مئات السنين. احدثكم الان عن خارطة تسمي خارطة التسيير . وهي خارطة تعتمد على اساس يتكون من الخارطة الشخصية ولكن يحدد فيها شيئين ولكل منهما اصل ومفهوم علمي وهما الهيلاج والكاتخذاه وهما لفظين تعود اصولهم الاولى للحضارة الفارسية التي كانت في ارض ايران كما نعرفها حاليا. والمفهوم “هيلاج” يعني الابتداء او الحياة, ومفهوم “كاتخداه” له صلة بالقمر عند المنجمين الفرس القدامى.
اهمية خارطة التسيير
استخدام او اهمية خارطة التسيير عند المنجمون القدامي تكمن في تحديد او محاولة تحديد العمر المتوقع للشخص والاحداث التي سيشهدها منذ مولده وحتي وفاته. ويقومون باستنتاج ذلك بتسيير او تحريك وهمي علي الخارطة للهيلاج مرورا بكل الاجرام التي تم تسكينها كل في موضعه حسب ما كانت عليه الحال وقت الميلاد. وحسب التقاء الهيلاج بكل جرم من الاجرام سواء كان كوكب او نجم يقوم المنجم باستنتاج توقع معين للشخص, وحسب الدرجة التي حدث فيها الالتقاء بين الهيلاج وهذا الجرم يستطيع المنجم توقع السنة والشهر بالتقريب الذي سيحدث فيه ما يتوقعه. ويتم التسيير عكس اتجاه عقارب الساعة وهي نفس اتجاهات طواف الحجاج حول الكعبة ونفس اتجاه طواف الالكترونات حول النواة ونفس اتجاه طواف الكواكب حول الشمس!
والان نتسائل: ما هو هذا الهيلاج؟
يسميه المنجمون القدامى في كتبهم دليل الحياة. والبعض يسميه دليل العمر, ويرون فيه اداة مهمة جدا لتحديد اشياء تسمي السني الكبري والصغري والوسطي ومنها يستنتجون بالتقريب العمر المتوقع للشخص ولكن مهم ان نقول ان الغيب لا يعلمه الا الله ولكن هذه مجرد اجتهادات لا اكثر ولا اقل وكلها تبقي في دائرة الاحتمالات واردة الحدوث وواردة الخطأ. والهيلاج يحتمل ان يكون واحدا من عدة احتمالات وهي :
الشمس, القمر, الطالع “ البرج الصاعد” , وتد السماء “البيت العاشر” , وتد الارض “البيت الرابع” , سهم السعادة “بالقرب من البيت الخامس“. والاختيار من بين هذه الاحتمالات لكل شخص يخضع لعدد من القواعد يعرفها المتخصصون. وفي النهاية يستقرون علي هيلاج محدد ومن ثم يبدأون في تسييره واختباره بأحداث يتذكرها الشخص ولو توافقت نتأكد انه بالفعل هو الهيلاج. ونكمل عملية التسيير وتمرير الهيلاج على باقي الكواكب والنجوم.
ومن الاشياء المهمة في خارطة التسيير مفهوم يسمي القواطع وهي التقاء الهيلاج بأجرام محددة في الخارطة وهي دليل نحس او خطر علي الشخص. من هذه القواطع المعروفة كوكب زحل وكوكب المريخ, ونجم الدبران. كما ان هناك مفهوم عكسي يسمي مواطن السعد وهي التقاء الهيلاج بكواكب السعد وهي كوكب المشتري وكوكب الزهرة والقمر والشمس. والقاطع الاخطر يحدده المنجم اذا اقترن فيه وجود امور اخري عكسية خطيرة. والسعد الاكبر هو الوضع الذي يقترن فيه اكثر من شئ ايجابي. وهكذا نكون قد تفهمنا ما يطلق عليه المنجمون ” خارطة التسيير “.