الاحلام في التاريخ

الاحلام في التاريخ : نظرة على الاحلام وتفسيرها تاريخيا

ان الحديث عن تاريخ لوجود الاحلام هو من قبيل التعريف بتاريخ بدء تعامل الانسان معها، والصفة التي تعامل بها، فوجودها في الاساس هو من تاريخ وجود الانسان، اي منذ ايام سيدنا ادم وحواء، على ان ما سنقوم في البحث فيه هو كيفية تعامل الانسان لاحقا
مع الحلم، ماذا بعد ان يستقيظ الانسان من نومه متذكرا ذلك السناريو الذ ي عاشه في نومه .

الاحلام في التاريخ

السومريون

لعل اول من وثق للحلم تاريخيا هم السومريون، وهي تلك الحضارة القديمة والتي ارخت على انها اقدم الحضارات البشرية، ووكانوا يقطنون العراق في العصر الحجري الحديث، فقد وجدت اثار تشير الى اميرهم كوديا ومدى اهتمامه بالنجوم، وقد جاء في قضيدة تاريخية سومرية ، كيف كان الامير يقص حلمه على الالهة ناتشة ، وهي الهة الاحلام وتفسيرها عند السومريون، والحلم عندهم خلق وكيان وليس مجرد خيالات، الا انه يتصل بالشيطان وتاثيراته . وقد خلفهم البابليون في ذلك، والذين صنفوا احلامهم ضمن جداول، وبالطبع من يقرأ هذه الجداول هم مفسرون مختصون، لا العامة من الناس ،ولديهم ان الحلم رسالة اوخاطرة من الالهة.

اليونانين

اما اليونانين ، فقد اعتبر الحلم كالمرسال، ترسله الالهة للشخص لتنقل للحالم رسالة، إما ان تكون كالنصيحة بالفعل اوتجنبه، واما ان تكون كالامر .، حتى جاء ارتيميدروس صاحب المجلد (تعبير الرؤيا ) والذي اقترب في مسعاه، وفرضيته الى ما وصل اليه العلم حاليا، ولا نقول تطابق النظرية، بل تطابق المضمون، وقد يكون اوضح معالجة لهذا الأمر الياذة هيرودوس، والتي جاءت بالنظرية الاشهر علميا في هذا المجال ( عقدة اوديب ).

الفراعنة

وقام الفراعنة بإنشاء اماكن خصصت لتفسير الاحلام، واسموها معابد النوم، وكان الشخص الخبير في تفسير الحلم، ويبرع فيه ذومكانة وغنى، وتعطى اليه الهبات الجزيلة، وقد الف الفراعنة العديد من المؤلفات في تفسير الاحلام، ومع انها كانت تحفظ بسرية بالغة كونها من اسرارهم، وخاصة في مجتمع الكهنة، الا انه لم يتبقى الا كتاب واحد في هذا الخصوص . اما ما ابتكره المصريون في هذا المجال فكان ان جعلوا الحلم اقسام، وكل يرمز الى شيء معين، ليس بالضرورة ما هو متعارف عليه . ولعل من اشهر القصص المعروفة عن ذلك العصر قصة سيدنا يوسف عليه السلام، ورؤياه عن اخوته، وكذلك تفسيره لحلم عزيز مصر .

الصينيون

واقترب الصينيون ايضا في تفاسيرهم وتقسيمهم لاسباب الحلم، فلم يربطوه صورة مباشرة بالالهة بقدر ما هي الحالة النفسية للشخص، واستدلوا ب (اليانج والين ) كما في الصورة المرفقة فاليانج هو الذكر القوي المبدع، ويمكن القول انه تم التعبير عنه بالموجب، وترتبط به العديد من الامثلة كالربيع والصيف، النهار والنور، الارقام الزوجية، الجبال ، الصحراء، اما الين، فهي الانثى، ويعبر عنها بالسالب، وهي السكون والارتباط بالارض، ومن امثلتها، القمر، الظلام، الانهار والوادي، الارقام الاحادية، اما انعكاس هذه النظرية على الحلم ،فإذا حلم الشخص انه يقطع نهرا وهو خائف، فالين في داخله عظيمة وتغلب اليانج، اما اذا حلم انه يتسلق جبلا وعرا بقوة فن اليانج في تلك اللحظة اقوى، وان تساوا، فقد جمعتهما فكرة الرابط بين الحياة والموت، وقد يكون هذا الوصف الاقرب الى ما وصل اليه علم النفس الحديث عندما قسم النفس البشرية الى ( الانا، الانا العليا، الهو ).

الاسلام

اما في الاسلام فذهب الى التفريق بين الحلم والرؤيا، تصديقا للحديث النبوي الشريف ( الرؤيا من الله. والحلم من الشيطان. فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات. وليتعوذ بالله من شرها. فإنها لن تضره )ثم شرحت معنى اضغاث الاحلام، فالحلم هو ما ياتينا من الشيطان اثناء النوم وهو ما نطلق عليه عادة الكابوس، فهو خبر سيء، اوحدث مشؤوم، اما الرؤيا فهي من الله وتكون على شكل بشرى، اونصيحة، واضغاث الاحلام ما يتبادر الينا في نومنا جراء الاحداث اليومية، اوالامور الطارئة، وما تفكر فيه النفس اثناء النوم، واشهر من الف في علم التفسير من المسلمين، هو العالم ابن سيرين، وما زال كتابه ( تفسير الاحلام ) يعتبر مرجعا لدى الكثيرين، ويوجد منه نسخة في كل بيت .

العصر الحديث

أما في العصر الحديث، وخاصة فيما بعد عصر النهضة وانحسار تأثير الكنيسة على المجتمعات الاوروبية، وبدء تحديث العلوم افقد افتتح العلم الذي يدرس الاحلام في اوروبا بناءا على دراسات وتجارب، واول من قام بها علم فرنسي يدعى جان جاكوت دي ميران، والذي قام بابحاث لدراسة الساعة البيولوجية للانسان، وقام بإسقاط دراساته على الانسان في نومه، اي في اي ساعة يكون الانسان في اعمق درجات النوم .

الا ان دراسة الاحلام تغيرت تغييرا جذريا في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ويعزا الفضل في ذلك لسيجموند فرويد والذي طور اسلوبه الخاصة في دراسة الاحلام وويمكن ان نقول ان نظريته ( عقدة اوديب ) هي من اشهر النظريات، وهو من كشف عن الانا والانا العليا والهو ، وغيرها، كما ان كتابه ( تفسير الاحلام ) يعد من اشهر الكتب في هذا المضمار .

وما زال هذا العلم يتطور شيئا فشيئا وتطور النظريات حول الاحلام ومصدرها وتفسيرها واثرها على الانسان .

مصدر الصورة : Copyright: olgacov / 123RF Stock Photo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ثمانية + عشرين =