نسب الكتاب التنجميين نقل المعرفه السحرية إلى الجمعيات السرية التي كانت موجودة في ذلك الوقت. ربما هذا يفسر انتقاله من القرن السادس عشر إلي القرن العشرين ولكنه لا يفسر انتقاله من العصور القديمة وحتى القرن الخامس عشر وقت اختراع التاروت، ببساطة لأنه لم يكن هناك جمعيات سرية في هذه الفترات تخدم هذا الغرض. وليس هناك أي تلميح بوجود جمعيات سرية في مئات السنين في العصور الوسطي تعاملت مع السحر بأي طريقة كانت.
المحتويات
المعرفة السحرية
من المؤكد أن المعرفة السحرية كانت تمرر شفاهية من شخص لآخر أو من سيد لمبتدئ. هناك بعض التلميحات التي تدحض بالطبع مثل هذه الطريقة في الانتقال عبر 2000 عام. فالتفاصيل مثلا قد تتغير من سيد لآخر فحتى لاعبوا الألعاب الشفهيه يعرفون أن القصه قد تتغير تماماً عندما تمر فقط باثني عشر لاعب. وهذا يعني بأن تلك الطريقة بها أخطاء عدة ففي تقاليد الكابالا لم توجد معلومات عن من أخبر من ولا عن كيفية الانتقال فالحقيقة الموجودة حاليا هي أنه لا يوجد سجلات تخبرنا بأي شئ.
على الرغم من تلك الأوضاع المشكوك فيها فهناك وضع بسيط ومثالي لانتقال المعرفة السحرية. في أواخر القرت الحادي عشر، فقد تم حفظ الوثائق السحرية في غرف الدير حيث تحفظ الكنيسة المخطوطات تبعاً لقاعدة اعرف عدوك. وكان هذا الجزء المخصص للوثائق السحرية محدد ومحفوظ للغاية.
يقول بعض الباحثين بأن أجزاء كثيرة من الطقوس السحرية هي مستمدة من من القداس المسيحي مما يجعل من الصعب دراسة النصوص السحرية بعيداً عن السياقات الرهبانية التي أنتجت المخطوطات. أحياناً كثيره يكون من الصعب تحديد كم وماذا أضيف من قبل الرهبان فوق النصوص السحرية. وبعض السحر المدان مستمد من مصادر أدبية لا يمكن تحديد أصولها وكثير منه لم يكن موجوداً خارج مخيلة الرهبان.
اهتمام كبير بالسحر
في بداية القرن الثاني عشر بدأ اهتمام كبير بالسحر يتفجر في الأوساط. وذلك عندما بدأت حركة الترجمه من النصوص العربية واليونانية. مورست العديد من هذه النشاطات في محكمة فريدريك الثاني في صقلية والذي كانت علاقاته جيده جداً مع الدول العربية واليونانية وكذلك شمال ايطاليا. أيدت هذه المحكمة الكثير من الباحثين اليهود الذين كانوا يجيدون اللغه العربية فعلى سبيل المثال نذكر مايكل سكوت الذي درس في أسبانيا وترجم المخطوطات العربية. أيضاً ماستر ثيودور الباحث اليهودي اليوناني الذي درس في أنطاكية و بغداد. و هناك الكثير أيضاً من الباحثين في القسطنطينية الذين تمكنوا من الدخول الي المكتبة الغامضة في الامبراطورية وتمكنوا من ترجمة أعمال كثيرة وجلبوها معهم إلي ايطاليا. النتيجه الحتمية لهذه الحركه كانت تتمثل في توافر المخطوطات لأول مره باللغه الاتينية.
كانت طبيعة تلك المخطوطات جديدة و مختلفة بدلا من تلك المحفوظه في الأديرة. فلم يكن هناك داعي لتجنب السحر أو ادانته فالمخطوطات ليس فيها ما يسئ. بدلاً من ذلك ظهر السحر وقتها في صورة جديدة مرتبطة بالعلم مثل التنجيم و الكيمياء والطب. ومثل العديد من المخطوطات في العصور الوسطي، نادراً ما عرضت أعمال بأكملها كوحده واحده و لكن كانت تعرض كصفحات لمجموعة من الكتاب وتخزن كمجموعة منفصلة. فمثلاً ترجمة العمل الهرمسي في القرن الثالث عشر تم أخذها من 224 كتاب كمقتطفات من كل كتاب!
من خلال النظر في النصوص السحرية و كيفية دمجها في المخطوطات فيمكننا الحصول على نظرة ثاقبة للرؤية التي كانت تشكل السحر على مدي قرون لاحقة. فغالبا ما كانت توجد نصوص سحرية في كتب مخصصة للأطباء. الانطباع العام المتداول حينها أن الكتاب والباحثين كانوا على غير اهتمام بالشياطين بل كان اهتمامهم ينصب على الظواهر الطبيعية و الكونية و كيف يؤثر الكون على الحياة على الأرض. و حلت الأحجار الكريمة محل الشياطين و التنجيم محل الطقوس المدانة.
على الرغم من أن علم التنجيم كان موجود في أوروبا فقد كان هناك اهتمام شديد بنقل العلوم العربيه الي هناك وقامت حركة كامله على ترجمة النصوص العربيه. وكانت النتيجة أنه بعد القرن الثاني عشر تغير السياق من السحر في أوروبا الي العلم الذي أصبح جزء لا يتجزأ من الحياة الفكرية. ولكن بقي بعض السحر وتم دمجه في الطب وصار له مدافعين أقوياء.
الترجمات للعلوم المختلفة
حدث تاريخي آخر تم في الفترة بين القرن الثاني عشر والقرن الرابع عشر. فالنشاط الفكري والتعلىم لم يعد حكراً على الكنيسة، وقامت حركة علمانية ترعي الترجمات للعلوم المختلفة ونقل القادة العلمانيين المخطوطات السحرية من الظل إلي النور حتى صار السحر غير مدان في المحكمة بل صارت المحاكم قوة مدافعه عن النشاط الفكري والسحر. وعلى الرغم من كون الكنيسة المؤسسه الأقوي التي حفظت النصوص السحرية والمخطوطات وساهمت في انتشارها فيما بعد فإن غرف الرهبان لما تعد المصدر الوحيد للمعلومات بل صارت النصوص والمعلومات متداولة.
وشهدت هذه الفترة أيضاً ظهور منافس فكري قوي وهم رهبان الفرنسيسكان والدومينيكيان. لا تكاد أي فئه أو مجموعة من الناس في العصور الوسطي لها علم بعلوم التنجيم والفنون والعلوم الغامضة غير رهبان الفرنسيسكان والدومينيكيان. وهذه نقطه جديرة بالملاحظه لأنهم كانوا غالبية وقتها ولأنهم احتكروا هذه العلوم على أنفسهم وبرعوا فيها فمثلاً أوغلو دي كاستيلو في القرن الرابع عشر الأسقف الدومينيكيان الذي كتب الطب الفلكي، وجون دي ستاندال كان الدومنيكيان الرقيب الرسمي للكنيسة كتب كثيراً في علم التنجيم. وكنتيجه لذلك صار علماء الدين والمحققين غير معارضين لهذه العلوم الغامضه في نهاية فترة العصور الوسطي.
القرن الخامس عشر الذي اخترع فيه التاروت
ونحن نقترب من القرن الخامس عشر والذي اخترع فيه التاروت نجد مجموعه متنوعه من مصادر السحر. فكان هناك تقليد رهباني مهتم بشكل كبير بالشياطين واستحضار الأرواح. وفي نفس الوقت كان هناك تقليد فكري مهتم بعلم التنجيم وغيرها من أشكال السحر الطبيعي والعلوم الطبيعية والكون وأمور أخري تمت بصلة كبيرة للعلم. والتقليد السائد وقتها في المحاكم العلمانية كان الدفاع عن السحر وعدم إدانته في أشكال كثيرة تحدثنا عنها في مقال سابق. وبعيداً عن كل هذا كانت الطبقة الشعبية الريفية تشعر بالقلق من كل هذا سواء السحر أو العلم او الخرافات. ومن هنا كان التأثير الأقوي على الثقافة التي أنشأت التاروت.