هل أنت من الأشخاص الذين غالباً ما يقلقون بشأن المستقبل وما يحمل معه من خفايا؟ وهل تعتقد أّنّه لا بد من وجود طريقة تكشف لنا أسرار المستقبل ؟ إن كنت تعتبر هذه الأمور سخافات أو غير واقعيّة، سيجادلك بعض النّاس مقدّمين حججاً وبراهين علميّة، كما أنهم سيثبتون قدرتهم على معرفة ما يخبّئه القدر للفترات القادمة وذلك باللّجوء إلى الوسائل العلميّة! وهذه هي حال علم الفلك، إذ أن أخصائيّي هذا المجال يقومون بدراسات نموذجيّة لكلٍّ من الأبراج، وها أنت تجد نفسك تقرأ توقّعات الفلك الخاصّة بك، حتّى ولو لم تكن دقيقة بنسبة ٪١٠٠. ومن المرجّح أن تكون من النّاس الذين يتساءلون عن أصول علم الفلك وعن سبب وجوده، ناهيك عن الأساليب المعتمدة في هذا المجال بالإضافة إلى مدى دقّته. فلنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة سويّاً.
تاريخ علم الفلك
إن علم الفلك ليس علماً حديثاً كما يعتقد بعض النّاس، بل هو يعود إلى العصور التي برزت فيها بداية الاكتشافات على أنواعها. وقد ساهم اكتشاف العلاقة التي تربط دوران الفلك بالتّغيّرات المناخيّة، في تطوير علم الفلك ودراسته. ويعود أقدم إكتشاف لدراسة فلكيّة منتظمة إلى الحضارة البابليّة، وهي من حضارات فترة ما قبل الميلاد. وقد انتشر هذا العلم وتطوّر مع الأيّام وبلغ مختلف الحضارات والشّعوب مع مرور التّاريخ، وأبرزها الشّعوب المصريّة والرّومانيّة والإغريقيّة، حتّى بلغنا اليوم بالحالة التي هو عليها. وبحسب علماء الفلك الحديثين، إنّ مواقع مختلف النّجوم والكواكب في الفضاء تؤثّر على حياة الفرد، كما على تصرّفاته وحظّه وغيرها. ويتمّ تحديد هذا التّأثير، حسب “برج” الفرد المعنيّ والذي يحصل عليه عند ولادته بناءً على تاريخ الولادة. إنّما الجدير بالذّكر هو كون بعض العلماء يعتقدون أن علم الفلك ما هو إلّا فرع محدود من علمٍ له أفاق أوسع ممّا نحن نرى.
لا شك انك سمعت مقولة ان : “العالم يدور حولك” … نعم! في علم الفلك، أنت هو محور العالم. كيف هذا؟ إنّ الأمر شديد البساطة: حين تعطي تاريخ وساعة ومكان ميلادك لأيّ من علماء الفلك، يستطيعون أن يخبروك أين كان موقع كلّ من الكواكب والنّجوم الكبرى بالنّسبة إلى موقعك في حينها، وذلك باستخدام رسم بيانيّ يعكس المواقع بوضوح. ولكن ما هو هذا الرّسم وكيف يظهر كلّ هذا؟ إنّ هذا الرّسم هو مخطّط يظهر السّماء بشكل دائريّ حول الأرض الموجودة في وسطه، من دون أن تكون مرسومة، بالإضافة إلى الكواكب والنّجوم والقمر والشّمس. وتغيب الأرض عن هذا الرّسم لأّنّ الإنسان موجود عليها، لذا هو لا يراها. ويختلف تأثير مواقع الكواكب النّجوم على الأبراج مع اختلاف هذه الأخيرة، إلاّ أن هذا التّأثير لا يساهم فقط في قراءة التوقعات، بل في تشخيص الحالات، ومدى التّوافق بين الأفراد بالإضافة إلى المساهمة في تسهيل اتّخاذ القرارات.
ربما ما زلت تعتقد أن علم الفلك ما هو إلّا خرافة؟ حسناً، إنّ إحساسك ليس شديد البعد عن الواقع، لكنّ كلمة “خرافة” لا تعبّر تحديداً عن ماهيّة هذا العلم. تظهر بعض الدّراسات أن علم الفلك، لم يكن ولن يكون علماً دقيقاً بنسبة ٪١٠٠، وأنّ أفضل حالة دقّة سجلت، لم تكن تفوق نسبة ٪٣٠!! وتتعدّد الأسباب التي تؤدّي إلى هذه النّتائج، ومنها رغبات الأفراد التي تتغير، فضلاً عن التّغيّرات الفلكيّة الفجائيّة وغيرها. ولكن هل كنت تعلم أن لعلم الفلك الفضل الأكبر في اكتشاف أسرار الكون والفضاء بأبسط الوسائل من دون التّكنولوجيا الحديثة؟ ومن هذه الاكتشافات هو كون الشمس، بالرّغم من حجمها الضّخم في مجرّتنا، من أصغر النّجوم الموجودة في الفضاء الخارجيّ!!!